لأصحاب الأعمال
تقرير رؤية السعودية 2030 السنوي 2024 وأهم فرص القطاع الخاص واستراتيجيات النمو الاقتصادي

داليا فايز
أخصائي تسويق بالمحتوى
منذ إطلاقها عام 2016، شكّلت رؤية السعودية 2030 إطارًا استراتيجيًا طموحًا لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل، وتحسين جودة الحياة على كافة المستويات. وقد ركزت الرؤية على تمكين القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، بما يواكب التحولات العالمية ويرسّخ مكانة المملكة كقوة اقتصادية إقليمية ودولية.
يأتي التقرير السنوي لرؤية 2030 كمؤشر حيوي لقياس الأداء الفعلي، واستعراض ما تحقق من أهداف، وتحديد الفجوات التي تتطلب المعالجة. ومع دخول المملكة مرحلة أكثر نضجًا من تنفيذ الرؤية، يمثل هذا التقرير مرجعًا مهمًا لأصحاب القرار في القطاعين العام والخاص. بالنسبة لقادة الأعمال والمسؤولين الماليين والمستثمرين، فإن تحليل هذا التقرير لا يقتصر على تتبع مؤشرات الاقتصاد الكلي فحسب، بل يوفّر رؤى عملية حول التحولات التنظيمية، والقطاعات الصاعدة والفرص الاستثمارية التي تشكل مستقبل السوق السعودي.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز ما ورد في التقرير السنوي لعام 2024، من إنجازات اقتصادية واجتماعية وتنظيمية، إلى التحديات القائمة والمسارات القادمة، مع تركيز خاص على ما يعنيه ذلك لأصحاب المصلحة في بيئة الأعمال.
ركائز رؤية السعودية 2030
ترتكز رؤية السعودية 2030 على ثلاث ركائز رئيسية تشكّل الأساس الاستراتيجي لكل البرامج والمبادرات التي تتبنّاها المملكة خلال مرحلة التحول الوطني، وتمثل هذه الركائز منظورًا شاملًا للنهوض بالمجتمع، وتحفيز الاقتصاد، وتعزيز فاعلية القطاع العام.
- مجتمع حيوي تهدف هذه الركيزة إلى بناء مجتمع يتمتع بجودة حياة عالية ويعتز بهويته الوطنية، ويتسم بالاستقرار الاجتماعي والصحي والثقافي. وتندرج تحتها برامج ومبادرات تُعنى بقطاعات مثل: الصحة العامة والوقاية، والإسكان والتنمية الحضرية، والثقافة والترفيه والرياضة، وتعزيز الانتماء الوطني والمحافظة على الإرث التاريخي.
- اقتصاد مزدهر تركّز هذه الركيزة على خلق بيئة اقتصادية محفّزة للنمو من خلال تنويع مصادر الدخل، وتمكين القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، وتطوير الكفاءات البشرية. وتشمل هذه الركيزة:
- دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.
- فتح قطاعات جديدة مثل السياحة، اللوجستيات، والصناعات التحويلية.
- تطوير التعليم والتدريب لسد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
- إصلاح البيئة التشريعية وتحسين تنافسية السوق السعودي عالميًا.
3. وطن طموح تسعى هذه الركيزة إلى تعزيز فاعلية الحكومة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في التنمية. وتغطي هذه الركيزة:
- الحوكمة الرشيدة والشفافية، ومكافحة الفساد.
- التحول الرقمي في القطاع الحكومي.
- تحسين مؤشرات الأداء في الجهات العامة.
- تعزيز ثقافة المساءلة والمسؤولية في جميع المستويات الإدارية.
أبرز الإنجازات وفق التقرير السنوي لعام 2024
وفق التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030، هذه أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة خلال عام 2024، حيث يتضح مدى التقدم المحرز على مستوى تنويع الاقتصاد وتعزيزه، وارتقاء مستوى الخدمات الاجتماعية وجودة الحياة، بالإضافة إلى تعميق التحول المؤسسي والرقمي في القطاع الحكومي.
الإنجازات الاقتصادية
- بلغ إجمالي الأصول المدارة لدى صندوق الاستثمارات العامة 3.53 تريليون ريال بنهاية عام 2024، معززًا بارتفاع حوالي 55٪ مقارنة بالعام السابق، مما يبرهن على القدرة المتنامية للصندوق في دعم استراتيجية تنويع الاقتصاد وفق رؤية 2030.
- سجّل الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 3.514 تريليون ريال في 2024، مما وضع المملكة في المرتبة 19 عالميًا بين أكبر اقتصاديات العالم من حيث القيمة الاسمية للناتج المحلي الإجمالي.
- نمو القطاع غير النفطي بنسبة 4.3٪ في عام 2024، مساهماً في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي البالغ 1.3٪ على أساس سنوي.
- بلغت قيمة الصادرات غير النفطية 515 مليار ريال سعودي (137 مليار دولار) في 2024، مسجلة أعلى رقم تاريخي للمملكة بنسبة %25.2 من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي.
- قفزت الإيرادات غير النفطية من 166 مليار ريال (العام المرجعي) إلى 457 مليار ريال سعودي في 2024، في طريقها نحو هدف 1,000 مليار ريال المستهدف لعام 2030، وبذلك بلغت 42٪ في 2024 مقارنةً بـ 25٪ في 2016.
- بلغت إجمالي قيمة الصادرات التراكمية للصناعات المرتبطة بالنفط والغاز 718.74 مليار ريال في 2024، مدعومة بالنمو القوي في صادرات المنتجات البتروكيماوية وإعادة التصدير.
- بلغت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي 2.4٪ في 2024، مما يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين الأجانب في السوق السعودي
التنمية الاجتماعية
- ارتفعت نسبة الأسر السعودية التي تملك وحدة سكنية إلى 65.4٪ بنهاية 2024 (مقابل مستهدف 64٪ لعام 2024 و70٪ لعام 2030)، مما يعكس التقدم الملحوظ في مبادرات الإسكان الحكومية الخاصة بتحقيق الاستقرار السكني للمواطنين.
- بلغت نسبة التجمعات السكانية المغطاة بالخدمات الصحية بما فيها الطرفية 97.4٪ بنهاية 2024، مقتربة من مستهدف 99.5٪ لعام 2030، في ضوء توسيع الشبكة الصحية وتعزيز الوصول إلى الخدمات في المناطق النائية.
- بلغت نسبة المستفيدين من الإعانات المالية للقادرين على العمل الذين تم تمكينهم 33.7٪ في 2024، متجاوزة مستهدف العام البالغ 32.5٪، ما يدلّ على فعالية برامج الدعم والتدريب المهني المقدمة لهذه الفئة.
- تجاوزت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل 30٪ متخطية بذلك الهدف المحدد لرؤية 2030 في عام 2024.
- القطاع السياحي: استقبلت المملكة نحو 30 مليون زائر دولي في 2024، مع ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 148٪ مقارنة بعام 2019، مما يؤكد قوة التوجه نحو الاقتصاد القائم على التجربة والخدمات.
- البنية التحتية الاجتماعية: شهد عام 2024 إطلاق عدد من المبادرات الهادفة لتعزيز جودة الحياة، شملت تطوير مرافق صحية وترفيهية وثقافية ضمن برنامج “جودة الحياة”.
الحوكمة والتحول المؤسسي
- خصّصت الميزانية العامة 5.2% من إجمالي إنفاق الدولة لبرامج التحول الرقمي والحوكمة الإلكترونية في 2024، مع توقع زيادتها إلى 6.5% بحلول 2026.
- تم رقمنة 95% من الخدمات الحكومية، مما يتيح للمواطنين والمقيمين الوصول إلى الخدمات عبر القنوات الإلكترونية دون الحاجة للحضور الشخصي، وتجاوز عدد المعاملات الإلكترونية على منصة “أبشر” 430 مليون معاملة خلال عام 2024، عبر قنوات “أبشر أفراد” و“أبشر أعمال”، مع نمو سنوي مستمر في عدد المستخدمين.
اقرأ عن: وافِق تُحقق نقلة نوعية في حلول المحاسبة الرقمية بالمملكة.
اختبر اليوم برنامج وافِق لتعزيز الحوكمة المؤسسية عبر أتمتة العمليات المالية وربطها مباشرة بنظام ERP لضمان الشفافية والكفاءة في كل خطوة. ابدأ الآن واستفد من أدوات الموافقات الرقمية وتقارير الأداء الفورية لتحقيق تحول مؤسسي يرفع الأداء ويعزز اتخاذ القرارات المبنية على بيانات دقيقة.
اختبر اليوم برنامج وافِق لتعزيز الحوكمة المؤسسية عبر أتمتة العمليات المالية وربطها مباشرة بنظام ERP لضمان الشفافية والكفاءة في كل خطوة. ابدأ الآن واستفد من أدوات الموافقات الرقمية وتقارير الأداء الفورية لتحقيق تحول مؤسسي يرفع الأداء ويعزز اتخاذ القرارات المبنية على بيانات دقيقة.
أداء برامج تحقيق الرؤية والاستراتيجيات الوطنية ونسبة التقدم في تنفيذ الرؤية
تعمل المملكة عبر 13 برنامجاً رئيسياً لتحقيق الرؤية (Vision Realization Programs – VRPs) بالإضافة إلى عدد من الاستراتيجيات الوطنية المصاحبة (كالاستراتيجية الوطنية للصناعات والاستراتيجية الوطنية للسياحة، والاستراتيجية الوطنية للإسكان وغيرها)، والتي تُعد الإطار التنفيذي لتطبيق أهداف الركائز الثلاث. تُظهر أحدث التقييمات أن 93٪ من مؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة ببرامج تحقيق الرؤية والاستراتيجيات الوطنية قد تحققت أو في تقدم إيجابي نحو الإنجاز (بنسبة 85% إلى 99%) بينما تبلغ نسبة المبادرات المكتملة أو على المسار الصحيح 85% بإجمالي عدد مبادرات 1,502 مبادرة، منها 674 مبادرة مكتملة بنجاح، و596 مبادرة “على المسار الصحيح” أو “مكتملة جزئيًا”، بينما تواجه 232 مبادرة تأخيرات أو تحتاج إلى إعادة تقييم. بمتابعة مكتب تحقيق الرؤية (Vision Realization Office)، يجري تحديث مؤشرات الأداء بشكل دوري، ويعاد ضبط جداول البرامج لمواجهة المعوقات التشغيلية أو التمويلية، بما يضمن توافق مسارات التنفيذ مع المستجدات الاقتصادية العالمية ومتطلبات التنمية المحلية
أثر الأداء على القطاع الخاص
يتيح تحقُّق هذه النسب العالية من الإنجاز والاستقرار في مؤشرات الأداء، بيئة أكثر وضوحاً وتنبؤ أمام قادة الأعمال والمستثمرين، إذ توفر خرائط طريق دقيقة للشراكات الحكومية–الخاصة وفرص الاستثمار في القطاعات المستهدفة، كما تضمن مراعاة مسارات التمويل وتنويع مصادره.
توقعات إيجابية لنمو الاقتصاد السعودي
تشير التوقعات إلى أن المملكة السعودية في طريقها لتعزيز موقعها الاقتصادي الإقليمي، مع استمرار الدفع نحو تنمية مستدامة يقودها القطاع غير النفطي والشراكات العالمية. وتنقسم توقعات النمو الاقتصادي إلى عدة مستويات:
- توقعات صندوق النقد الدولي (IMF) يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بنسبة 3.0٪ في 2025، مع تسارع إلى 3.7٪ في 2026، مدفوعًا أساسًا بقطاع غير نفطي قوي واستثمار متزايد في البنية التحتية الحيوية.
- آفاق النمو غير النفطي بحسب تحليل “Mastercard Economics” أنه من المتوقع استمرار النمو غير النفطي في قيادة فترة التعافي، مع توسع يتراوح بين 4.0٪ و4.5٪ خلال 2025–2026، مدعومًا بزيادة الإنفاق السياحي وتقدم المشاريع الكبرى مثل نيوم والبحر الأحمر.
- تقييم وكالات التصنيف الائتماني عزّزت وكالة Standard & Poor’s التصنيف الائتماني للمملكة إلى “A+” مع منظور مستقر في مارس 2025، ما يعكس الثقة في مؤسساتها واقتصادها المتنوع، ويعد إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب.
- مؤشرات ثقة المستثمرين الأجانب تراهن توقعات النمو أيضًا على ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مما يشير إلى تحسن بيئة الأعمال وجاذبية المملكة كوجهة استثمارية إقليمية.
- اتجاهات الأسواق العالمية في ظل تباطؤ عالمي نسبي، يُتوقع أن يكون أداء الاقتصاد السعودي متفوقًا على معظم دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتسارع جهود التنويع وتطبيق استراتيجيات التحول الرقمي، ما يضمن مستوى ثابتًا من النمو حتى مع التحديات الخارجية.
الفرص أمام القطاع الخاص والمستثمرين
توفر هذه الفرص التالية مجتمعة إطارًا متكاملاً للقطاع الخاص والمستثمرين لاستكشاف مجالات جديدة للشراكة والنمو، مستفيدين من ديناميكية الاقتصاد السعودي واستراتيجيات التنويع المستمرة.
- توسيع دور القطاع الخاص وزيادة المساهمة في الناتج المحلي تهدف الحكومة إلى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص من 40٪ إلى 65٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، ما يفتح آفاقًا واسعة للشركات المحلية والدولية في مجالات الرعاية الصحية، التعليم، النقل والمرافق العامة من خلال برامج الخصخصة والشراكات الحكومية–الخاصة.
- فرص الشراكات عبر نموذج الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) توفر المملكة حاليًا أكثر من 200 مشروع معتمد في إطار PPP تمتد عبر 17 قطاعًا، تشمل البنية التحتية الصلبة (النقل، والطاقة، والمياه) والاجتماعية (الصحة، والتعليم، والإسكان)، مع دعوة مستمرة للاستثمار المحلي والعالمي عبر مركز الخصخصة والشراكات (NCP)
- قطاع الترفيه والسياحة في ضوء النمو القوي لعدد الزوار الدوليين (30 مليون زائر في 2024)، تمثل مشاريع الترفيه والضيافة فرصًا رائجة للاستثمار في الفنادق والمنتجعات، والفعاليات الثقافية والرياضية، لا سيما ضمن “برنامج جودة الحياة” والمناطق السياحية مثل البحر الأحمر.
- التحول الرقمي والمالية مع إطلاق البرنامج الوطني لتطوير القطاع المالي (FSDP) وتعزيز الأسواق الرأسمالية، يتيح الفرصة أمام المؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية لابتكار منتجات وخدمات مصرفية وتأمينية رقمية؛ ما يدعم تنمية القطاع الخاص ويعزز مشاركة المزيد من المستثمرين.
- الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة تتيح المشاريع الكبرى مثل نيوم والبحر الأحمر فرصًا للتمويل الأخضر والاستثمار في تقنيات الطاقة الشمسية والرياح والمشروعات ذات الأثر البيئي الإيجابي، تماشيًا مع التزامات المملكة تجاه الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
- سوق التجزئة والصناعات الاستهلاكية يشهد السوق السعودي نموًا سريعًا في قطاع التجزئة والموضة، مع مبادرات مثل “Saudi 100 Brands” التي تستقطب العلامات التجارية العالمية وتوفر حوافز مالية وتشغيلية للمستثمرين في قطاع السلع الاستهلاكية الفاخرة والعصرية.
- بيئة تنظيمية جاذبة وتحسين الإطار التشريعي اتخذت الحكومة خطوات لتبسيط الإجراءات وتطوير التشريعات، ما رفع تصنيف المملكة الائتماني وأعطى ثقة متزايدة للمستثمرين الأجانب، كما انعكس ذلك في ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
اقرأ أيضًا: رؤية السعودية 2030 وتأثيرها على المحاسبة.
لرواد الأعمال وصنّاع القرار المالي، يقدم هذا التقرير خارطة طريق واضحة لقراءة اتجاهات السوق السعودي وتحديد نقاط الشراكة المثلى مع الجهات الحكومية واستغلال المرونة التنظيمية التي توفرها المملكة. ومع توفر بيانات دقيقة ومؤشرات شاملة، أصبح بالإمكان استشراف فرص النمو وتقييم المخاطر بدقة، مما يضمن تحسين العوائد وتعظيم الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
في الختام، يمثل تقرير 2030 السنوي دعوة مفتوحة للقطاع الخاص إلى العمل الاستراتيجي، والابتكار المستمر، والشراكة الفعالة. إن الوقت مناسب اليوم أكثر من أي وقت مضى لاستثمار الإمكانات التي أرسى دعائمها هذا التقرير.