أهم مهام ومهارات المراجع الداخلي والمؤهلات المطلوبة

في كل منشأة، لا تعتمد الثقة في النزاهة المالية على دقة الأرقام فقط، بل تعتمد على الرقابة المستمرة وضبط الضوابط الداخلية، والقدرة على اكتشاف المخاطر قبل أن تتحول إلى تهديد حقيقي. يلعب المراجع الداخلي دورًا محوريًا في تعزيز هذه الثقة من خلال تقييم فعالية الأنظمة وحماية الأصول، وضمان الالتزام بالسياسات الداخلية واللوائح الخارجية. يتجاوز عمل المدقق الداخلي الفحوصات الروتينية، ليشكل دعامة رئيسية لحوكمة المنشآت والشفافية والمساءلة. سواء في القطاع الخاص أو العام، يساهم دور المراجع الداخلي في دعم اتخاذ القرارات المبنية على بيانات دقيقة وتحسين الكفاءة التشغيلية.

من هو المراجع الداخلي؟

هو متخصص يُعيَّن داخل المنشأة لمراجعة وتقييم فعالية الضوابط الداخلية وإدارة المخاطر، والامتثال للأنظمة والتعليمات بشكل مستقل. وعلى عكس المدقق الخارجي، يعمل المدقق الداخلي من داخل المنشأة ويقدم تقييمات مستمرة واستباقية بدلاً من الفحص الدوري.

يشمل دوره تحديد نقاط الضعف في الأنظمة والإجراءات وتقديم التوصيات المناسبة، والتأكد من استخدام الموارد بكفاءة ونزاهة. ومن خلال رؤيته الموضوعية، يدعم الإدارة في حماية الأصول ومنع الاحتيال وتعزيز الأداء التشغيلي. يعمل المراجعون الداخليون في مختلف القطاعات مثل المالية والصناعة والرعاية الصحية والجهات الحكومية، وتشمل نطاق مهامهم التدقيق المالي والتشغيلي وتدقيق تقنية المعلومات والامتثال. ويُعَد دورهم جوهريًا في بناء ثقافة المساءلة والشفافية وتحقيق القيمة المستدامة.

المهام الرئيسية للمراجع الداخلي

تتجاوز مهام المدقق الداخلي مجرد التحقق من الالتزام، فهو مسؤول عن ضمان سير العمليات بما يتماشى مع السياسات المعتمدة وتحقيق الكفاءة التشغيلية، وتقليل المخاطر التي قد تؤثر على الأداء أو السمعة. وتشمل مهامه الأساسية ما يلي:

• تقييم الضوابط الداخلية يقوم المراجع الداخلي بتقييم فعالية أنظمة الرقابة الداخلية، بما في ذلك العمليات المالية وضوابط الوصول، والإجراءات التشغيلية، ويهدف ذلك إلى تقليل المخاطر وحماية الأصول من سوء الاستخدام أو الاحتيال.
• تحديد المخاطر والتقليل منها من أهم مسؤوليات المدقق تحديد المخاطر المحتملة في مختلف الأقسام، وتقديم التوصيات اللازمة للحد منها، وتُعَد رؤيته أداة مهمة في التعامل مع التهديدات المحتملة بشكل استباقي.
• التحقق من الالتزام بالأنظمة والسياسات يُراجع المدقق مدى التزام المنشأة بالأنظمة والتعليمات المحلية، إلى جانب السياسات الداخلية، وهذا أمر بالغ الأهمية لتجنب الغرامات والمخاطر التنظيمية والتأثيرات السلبية على السمعة.
• مراجعة الأنشطة المالية والتشغيلية تشمل عمليات المراجعة الداخلية تقييم إجراءات مثل المشتريات والرواتب، والمخزون والتعاملات النقدية، بهدف ضمان الكفاءة والدقة في الأداء.
• كشف الاحتيال ومنع الأخطاء من خلال تحليل الأنماط ومراجعة الشذوذات، يسهم المراجع الداخلي في اكتشاف عمليات الاحتيال أو الأخطاء المحاسبية، ما يعزز النزاهة المالية للمنشأة.
• التقارير والتوصيات بعد الانتهاء من أعمال المراجعة، يُقدم المدقق تقارير مفصلة للإدارة تتضمن النتائج ومواطن التحسين، وخطط العمل المقترحة لتعزيز الأداء وتقليل المخاطر.

المهام اليومية والدورية للمدققين/المراجعين الداخليين

بالرغم من أن المراجعين الداخليين يُنفذون مراجعات شاملة وفق خطة سنوية، إلا أن مهامهم اليومية والدورية تُشكل جزءًا مهمًا من نظام الرقابة المستمر، وتُمكن المدقق من الاستجابة الفورية لأي مؤشرات خطر.

مهام المراجع الداخلي اليومية

• مراقبة المعاملات المالية الحساسة لاكتشاف أي تجاوزات.
• مراجعة تقارير الاستثناءات الصادرة من أنظمة المحاسبة.
• التنسيق مع رؤساء الأقسام لمتابعة الملاحظات السابقة.
• التأكد من توثيق العمليات وتسجيل المسارات المحاسبية.
• التعامل مع أي مؤشرات امتثال طارئة أو إشارات حمراء.

المهام الأسبوعية والشهرية

• تنفيذ جولات مراجعة لعمليات معينة داخل المنشأة.
• اختبار فاعلية الضوابط على النقد والمشتريات والمخزون.
• مراجعة التسويات وسير عمليات الموافقة.
• متابعة تنفيذ التوصيات السابقة للمراجعة.
• إعداد تقارير دورية للإدارة الداخلية للمراجعة.

المهام الفصلية والسنوية

• تنفيذ مهام تدقيق داخلي كاملة وفقًا لخطة التدقيق المعتمدة.
• التنسيق مع المدققين الخارجيين أثناء عملهم الميداني.
• تحديث تقييمات المخاطر للمجالات ذات الحساسية العالية.
• إعداد تقارير شاملة للجنة المراجعة أو مجلس الإدارة.

اقرأ أيضًا عن: الفرق بين التدقيق الداخلي والخارجي.

المهارات الأساسية والمؤهلات المطلوبة للمراجع الداخلي

لكي يؤدي المدقق الداخلي مهامه بكفاءة، لا بد أن يمتلك مزيجًا من المهارات الفنية والتحليلية والشخصية. يتطلب الدور فهمًا عميقًا للأنظمة المالية، والقدرة على تقييم المخاطر والتواصل الفعّال، والالتزام بالاستقلالية المهنية.

• الخبرة الفنية والمالية يجب أن يكون لدى المراجع الداخلي معرفة قوية بمبادئ المحاسبة ومعايير التدقيق (مثل معايير الـ IIA) وإطارات التقارير المالية، كما أن الإلمام بإطارات إدارة المخاطر والرقابة الداخلية (مثل COSO) يعد ضروريًا.
• التحليل والتفكير النقدي يجب أن يكون المدقق قادرًا على تحليل كميات كبيرة من البيانات، واكتشاف التناقضات وتقييم الأنماط، والوصول إلى استنتاجات مبنية على أدلة. حيث يُعد الدقة والحُكم المهني عنصران أساسيان في كشف المخاطر والقصور.
• مهارات الاتصال والتقارير يتطلب إعداد التقارير ومناقشة النتائج مع الإدارة أو عرضها أمام لجان المراجعة مهارات تواصل واضحة وموجزة، ويُعَد توصيل النتائج الفنية بلغة إدارية قابلة للتنفيذ من المهارات الأساسية.
• الاستقلالية المهنية والأخلاقيات ينبغي أن يتسم أداء المراجع الداخلي بالحياد والسرية والنزاهة، حيث ينبغي أن تكون تقييماته موضوعية، وسلوكه متوافقًا مع المبادئ الأخلاقية ومعايير السلوك المهني.

المؤهلات والشهادات المهنية المطلوبة للمدقق الداخلي

تطلب معظم الجهات توفّر شهادات معترف بها مثل:

• CIA: المدقق الداخلي المعتمد.
• CPA: المحاسب القانوني المعتمد.
• SOCPA: شهادة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين.
• CISA: للمدققين المتخصصين في تقنية المعلومات.

التدقيق الداخلي في السعودية: الامتثال والتوقعات

يلعب التدقيق/المراجعة الداخلية في المملكة العربية السعودية دورًا متزايد الأهمية في حوكمة الشركات وضمان الامتثال، وإدارة المخاطر، خاصة في ظل تطور البيئة التنظيمية بما يتماشى مع رؤية 2030 والمعايير الدولية. يُتوقع من المنشآت تنفيذ أنظمة تدقيق داخلي قوية لضمان الشفافية والمساءلة وكفاءة استخدام الموارد.

الإطار التنظيمي المحلي

يخضع المدققون الداخليون في السعودية لمتطلبات عدد من الجهات التنظيمية، حيث تعمل هذه الجهات على ضمان أن تدعم المراجعة الداخلية الممارسات الأخلاقية، ودقة التقارير، والالتزام بالأنظمة المحلية، ومن أهم هذه الجهات:

• هيئة الزكاة والضريبة والجمارك (ZATCA)، فيما يخص ضريبة القيمة المضافة، والفوترة الإلكترونية والامتثال المالي
• الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين (SOCPA) التي تنظم معايير المحاسبة والتدقيق
• معهد المدققين الداخليين، فرع السعودية (IIA-KSA)، الذي يحدد المعايير المهنية ويعزز الممارسات المثلى.

الالتزامات حسب القطاع تُلزم بعض القطاعات، مثل البنوك وشركات التأمين، والشركات المدرجة في السوق المالية، بوجود إدارة مراجعة داخلية مستقلة. وغالبًا ما ترفع هذه الإدارة تقاريرها مباشرة إلى مجلس الإدارة أو لجنة مراجعة مستقلة، للحفاظ على موضوعيتها واستقلاليتها.

توقعات الجهات التنظيمية من المدققين الداخليين تتوقع الجهات المعنية في السعودية من المراجعين الداخليين أن يقوموا بـ:

• تحديد المخاطر المالية والتشغيلية.
• اكتشاف حالات عدم الالتزام بالسياسات الداخلية.
• تقديم توصيات لتحسين الرقابة الداخلية.
• دعم المنشأة في تحقيق أهداف الحوكمة والمخاطر والامتثال (GRC)

أمثلة واقعية على تأثير التدقيق/المراجعة الداخلية

تُثبت نتائج المراجعة الداخلية قيمتها حين تسهم في تقليل المخاطر، أو خفض التكاليف أو تعزيز الامتثال أو تحسين الأداء التشغيلي. فيما يلي أمثلة عملية توضح الأثر المباشر للمدققين الداخليين في بيئات العمل المختلفة:

• منع الاحتيال في المشتريات أثناء مراجعة دفعات الموردين، لاحظ المدقق الداخلي تكرار فواتير من نفس المورد مع اختلافات طفيفة. بعد التحقيق، تبيّن أن المورد كان يُقسّم العقود لتجاوز حدود الموافقة. ونتيجة لذلك، قامت الإدارة بتشديد ضوابط المشتريات ومراجعة الفواتير المُجزأة.
• تحسين نظام الرواتب في تدقيق دوري، اكتشف المراجع وجود تناقضات في بيانات الرواتب، حيث تم صرف رواتب لموظفين تم إنهاء خدماتهم دون تحديث النظام. أدت هذه الملاحظة إلى إصلاح شامل لنظامي الموارد البشرية والرواتب، مما قلل التكاليف وزاد من فاعلية الرقابة.
• تقليل الفاقد في المخزون في إحدى شركات التصنيع، لاحظ المدقق أن المواد الخام تنتهي صلاحيتها دون استخدام بسبب ضعف تدوير المخزون. بعد التوصية، تم تنفيذ نظام جرد آلي يُصدر تنبيهات عند اقتراب انتهاء صلاحية المواد، مما خفّض الفاقد وحسّن إدارة رأس المال العامل.
• تدقيق صلاحيات الوصول في الأنظمة في مؤسسة مالية، كشفت المراجعة الداخلية للأنظمة عن استمرار صلاحية الوصول للبيانات الحساسة لدى موظفين سابقين، أدى ذلك إلى اعتماد سياسة صارمة لإلغاء الصلاحيات فورًا بعد إنهاء الخدمة، وتنفيذ مراجعات شهرية لصلاحيات النظام.

اقرأ أيضًا: كيفية كشف ومنع الأخطاء المحاسبية والاحتيال المالي.

تحسين مهام التدقيق الداخلي باستخدام نظام وافِق المحاسبي

يحتاج المدققون الداخليون إلى بيانات دقيقة ومسارات تدقيق واضحة، وأدوات فعّالة لمراجعة الأنشطة المالية. يقدّم وافِق حلولًا محاسبية متكاملة تمكّن المراجع من تنفيذ مهامه بشكل أكثر كفاءة ودقة وشفافية. من أهم هذه المزايا:

1. تسجيل تلقائي لمسارات التدقيق يُسجل وافِق جميع المعاملات المالية تلقائيًا، متضمنًا تفاصيل المستخدمين، وأوقات التنفيذ، وتعديلات المستندات، مما يوفر مسار تدقيق موثوق يُمكّن المراجع الداخلي من الفحص والتأكد بسهولة.
2. رؤية فورية للبيانات المالية يتيح وافِق من خلال لوحات المعلومات المركزية عرض البيانات المالية في الوقت الفعلي، مما يتيح للمدقق مراقبة الإنفاق والتدفقات النقدية دون انتظار التقارير الدورية، وبالتالي تسريع تقييم المخاطر بدقة أكبر.
3. تقارير منظمة وجاهزة للتحليل يوفر وافِق إمكانية استخراج تقارير تفصيلية عن القيود المحاسبية، وسلاسل الموافقات والتسويات، وأنماط الإنفاق. يمكن تصفية هذه التقارير حسب مركز التكلفة أو القسم أو المشروع، بما يدعم التحليل العميق.
4. مراقبة السياسات والحدود المالية يستطيع المراجع الداخلي التحقق من التزام العمليات بالضوابط الداخلية مثل حدود الإنفاق وسلاسل الاعتماد، وسياسات المصروفات، حيث يتم تطبيق هذه السياسات تلقائيًا داخل النظام.
5. تكامل مع الأنظمة الأخرى وشفافية في العمليات بالنسبة للمنشآت التي تعتمد وافِق كنظام محاسبي رئيسي، فإن النظام يتكامل مع أنظمة المشتريات والرواتب والبنوك، مما يمنح المدقق الداخلي رؤية شاملة لعمليات الأقسام المختلفة، مع تتبع آلي لسير العمل.

اقرأ المزيد: دليل حول كيفية التحضير لتدقيق خارجي باستخدام تقارير وافق.

يساهم التدقيق الداخلي في تعزيز الحوكمة، وتحسين الرقابة على المخاطر، ودعم القرارات المبنية على بيانات دقيقة، حيث يساعد المراجعون الداخليون في كشف القصور ومنع الاحتيال، وضمان الالتزام داخل المنشأة. مع تعقيد الأعمال، يزداد دور المدقق الداخلي أهمية. باستخدام أدوات مثل وافِق، تصبح المراجعة أسرع وأكثر فاعلية وتأثيرًا.

الأسئلة المتداولة حول مهام المراجع الداخلي

ما الفرق بين التدقيق الداخلي والتدقيق الخارجي؟

التدقيق الداخلي يتم من قِبل موظفين داخل المنشأة ويُركّز على تقييم الضوابط الداخلية وإدارة المخاطر، والكفاءة التشغيلية. أما التدقيق الخارجي فيُجريه طرف مستقل ويهدف إلى تقديم رأي محايد حول عدالة القوائم المالية.

هل تحتاج كل شركة إلى مدقق داخلي؟

ليس كل كيان مُلزَم قانونيًا بتعيين مدقق داخلي، ولكن وجود وظيفة مراجعة داخلية يُعد ميزة مهمة خاصة في الشركات المتوسطة والكبيرة، حيث تسهم في تحسين الحوكمة وتقليل المخاطر.

لمن يرفع المدقق الداخلي تقاريره؟

للحفاظ على الاستقلالية، غالبًا ما يرفع المدققون الداخليون تقاريرهم إلى لجنة المراجعة أو مباشرة إلى مجلس الإدارة. وفي بعض الحالات، قد يتبعون إداريًا للرئيس التنفيذي أو المدير المالي.